«دعم متواصل وغير مشروط».. الدول العربية ترفع شعار «لا صوت يعلو فوق القضية الفلسطينية»

أبرزها الإمارات ومصر والسعودية

«دعم متواصل وغير مشروط».. الدول العربية ترفع شعار «لا صوت يعلو فوق القضية الفلسطينية»

بدعم متواصل وغير مشروط، بذلت العديد من الدول العربية قصارى جهدها لدعم الفلسطينيين وبقاء القضية الفلسطينية على قيد الحياة طوال عام من حرب مدمرة تقودها إسرائيل ضد قطاع غزة، أودت بحياة أكثر من 41 ألف قتيل بجانب عشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين.

وتنوع الدعم العربي للقضية الفلسطينية عبر عدة أدوار أبرزها جهود الوساطة لإقرار الهدنة، وإعلان مواقف ثابتة برفض التهجير، وعقد قمم عاجلة واتصالات دولية، وطرح قرارات بمجلس الأمن لمناصرة القضية، فضلا عن تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية رغم العراقيل التي تفرضها إسرائيل. 

وفي 10 سبتمبر الجاري، خلصت أعمال الدورة الـ162 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية إلى "إرجاء كافة القرارات السياسية المتعلقة بالأوضاع العربية للتركيز على دعم فلسطين".

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، في مؤتمر صحفي، إن "القضايا العربية الأخرى لم تغب عن الاجتماع، لكن المشاركين فضلوا عدم التحدث فيها حتى لا تفقد القضية الفلسطينية الزخم".

وتتصدر 6 دول عربية قائمة الأكثر دعما للقضية الفلسطينية وهي الإمارات، ومصر، والسعودية، وقطر، والأردن، والجزائر.

الإمارات وعملية الفارس الشهم

تقف دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره، إذ جاءت عملية "الفارس الشهم 3" كإحدى أبرز العمليات الإنسانية، التي انطلقت عقب اندلاع الحرب لإغاثة الشعب الفلسطيني المحاصر. 

وتمكنت العملية الإماراتية من إرسال 104 قوافل إغاثية تحمل أكثر من 20 ألف طن من المساعدات الإنسانية العاجلة، إلى جانب أربع سفن بحرية محملة بـ18.530 طنا من المواد الضرورية، تشمل الغذاء والخيام والملابس والأدوية اللازمة للعائلات النازحة في قطاع غزة.

وقامت العملية بتزويد أهالي قطاع غزة بما مجمله 130 مليون جالون من المياه النظيفة، عبر 6 محطات لتحلية المياه في مدينة رفح المصرية بطاقة إجمالية تبلغ مليوناً و600 ألف جالون يومياً.

وتم تنفيذ 259 رحلة جوية محملة بـ5.340 طنا من المساعدات الإنسانية، أطلقتها الإمارات عبر مبادرة "طيور الخير" في فبراير الماضي، حيث جرى إسقاط جوي للمساعدات الإنسانية فوق المناطق التي يصعب الوصول إليها براً، لتلبية احتياجات الفلسطينيين في القطاع.

وعلى صعيد الدعم الصحي، قدمت الإمارات كميات هائلة من الأدوية والمعدات الطبية الضرورية، وخصصت 5 ملايين دولار لدعم حملة تطعيم شلل الأطفال، ما ساهم في تحصين 650 ألف طفل في القطاع، كما عملت أيضا على تعزيز كفاءة المستشفيات من خلال إمدادها بمستلزمات طبية غير مسبوقة.

وقدمت الإمارات دعماً شاملاً للقطاعات المحلية والبلديات في غزة من خلال توفير معدات للصرف الصحي ونقل المياه، وتنفيذ مشروعات إصلاح خطوط المياه والآبار في خان يونس وشمال غزة، إلى جانب تنظيم حملات توزيع المياه في مراكز الإيواء.

وفي مارس الماضي، تمكنت الإمارات من حشد الجهود الدولية لتدشين ممر إغاثي بحري ينقل المساعدات من قبرص إلى غزة.

وعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي، أكدت دولة الإمارات مرارا من خلال تصريحات العديد من مسؤوليها، ضرورة قيام دولة فلسطينية وحق تقرير الشعب الفلسطيني مصيره ودعم حل الدولتين، لتحقيق الاستقرار بالمنطقة والشرق الأوسط.

مصر.. شريان حياة للقطاع المحاصر

يعد معبر رفح البري بمصر (شرق) البوابة الوحيدة لدخول المساعدات الإغاثية من مختلف أنحاء العالم، قبل أن يتم إغلاقه من الجانب الفلسطيني بعد سيطرة القوات الإسرائيلية عليه، وكانت مدينة العريش المصرية القريبة من المعبر تضم أكبر مستودعات استقبال المساعدات وأكبر أسطول شاحنات لإدخالها.

وبحسب إفادات رسمية بمصر، في إبريل الماضي "بلغ عدد الشاحنات التي دخلت القطاع عبر معبر رفح، 19 ألفا و354 شاحنة، و19 ألفا و952 طنا من المواد طبية، و10 آلاف و435 طنا من الوقود، و123 ألفا و453 طنا من المواد الغذائية، و26 ألفا و692 طنا من المياه، و44 ألفا و103 أطنان من مواد إغاثية أخرى، وألفين و23 طنا من الخيام والمشمعات، وعدد 123 سيارة إسعاف مجهزة". 

وعلى جانب آخر، دخل إلى مصر من قطاع غزة للعلاج 3 آلاف و764 مصابا ومريضا، ومعهم 6 آلاف و191 مرافقا، وعدد 66 ألفا و759 من الرعايا الأجانب ومزدوجي الجنسية، وكذلك 6 آلاف و330 مصريا. 

وفي الأثناء أعلن الهلال الأحمر المصري، التعاون مع نظيره الفلسطيني، لتجهيز مخيم لإيواء النازحين في جنوب غربي خان يونس يسع لأكثر من 6 آلاف شخص، تتوافر فيه الخدمات الإغاثية والطبية والاحتياجات الأساسية من المواد الغذائية والمياه.

وفي فبراير  الماضي، قادت مصر بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة وساطة في إبرام هدنة إنسانية لمدة 4 أيام قابلة للتمديد، وسط موافقة من حماس وإسرائيل، وأسفرت عن الإفراج عن 109 من الرهائن الإسرائيليين، و240 سجينا فلسطينيا، والسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة.

وبعد احتلال إسرائيل الجانب الفلسطيني من معبر رفح وتدميره والسيطرة على محور فيلادلفيا بالمخالفة لاتفاقية السلام، أعلنت مصر عزمها التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي. 

ومع إصرار إسرائيل، على رفض مغادرة محور فيلادلفيا، قام رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق أحمد خليفة، في سبتمبر الماضي، بزيارة مفاجئة لتفقد الأوضاع الأمنية وإجراءات التأمين على الحدود مع قطاع غزة، مع ظهور معدات مصرية بالقرب من معبر رفح في خطوة حملت رسائل مصرية بلهجة حادة، وفق تقديرات مراقبين.

وعلى صعيد التحركات السياسية والدبلوماسية، أجرت مصر العديد من الاتصالات مع قادة العالم واستضافت اجتماعات دولية، أبرزها قمة القاهرة للسلام عقب أسبوعين من اندلاع الحرب، لبحث سبل التصدي لتصفية القضية الفلسطينية ودعم الشعب المحتل. 

وبحسب تقارير إعلامية محلية، رفض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تلقي اتصالات هاتفية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكدا في أكثر من خطاب أن مصر ماضية في رفض التهجير واستكمال وساطتها لتحقيق الاستقرار بالمنطقة. 

دعم سعودي متواصل

لعبت السعودية دورا مؤثرا في دعم القضية الفلسطينية منذ بداية الحرب، إذ أعلن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في نوفمبر 2023، تبرع العاهل السعودي وولي عهده، بمبلغ 50 مليون ريال سعودي (حوالي 13 مليون دولار) ضمن حملة التبرعات الشعبية لقطاع غزة التي أطلقت وقتها لدعم سكان القطاع. 

وفي الأثناء قدم المركز مبلغًا قدره 15 مليون دولار لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لتقديم المساعدة الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والدواء، وفي مارس الماضي أعلن المركز تقديم 40 مليون دولار أخرى للوكالة الأممية. 

وفي يونيو الماضي، أعلن المركز أن المملكة أطلقت حملة شعبية عبر منصة "ساهم" لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وصلت حجم تبرعاتها حتى اليوم إلى 700 مليون ريال سعودي (حوالي 187 مليون دولار).

ودشنت المملكة جسرًا جويًا يشمل 53 طائرة، وجسرًا بحريًا يشمل 8 سفن، مع تدشين باخرتين إغاثيتين للشعبين الفلسطيني والسوداني الشقيقين من ميناء جدة الإسلامي، إضافة إلى إرسال أكثر من 500 قافلة برية حتى الآن، إلى جانب التنسيق مع الحكومة الأردنية لإدخال مساعدات أخرى عبر الإنزال الجوي.

وفي أغسطس الماضي، أعلنت المملكة أنها ما زالت تواصل تقديم المساعدات الإغاثية للمدنيين في قطاع غزة بمشاركة شعبية، عبر الحملة الشعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، إذ بلغت حالياً قيمة التبرعات أكثر من 185 مليون دولار. 

وتواصل السعودية من خلال ذراعها الإنسانية مركز الملك سلمان للإغاثة، تنفيذ عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الغذائية النوعية للمتضررين في قطاع غزة، بالتعاون مع الأردن، بهدف كسر إغلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي المعابر الحدودية. 

وفي موقف جريء وسط تطلعات أمريكية لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أن بلاده لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وأكد ولي العهد السعودي مرارا رفض المملكة وإدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، متجاهلة القانون الدولي والإنساني في فصل جديد ومرير من المعاناة، معلنا مواصلة العمل الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وفي مختلف المناسبات الأممية والدولية، تؤكد السعودية موقفها الثابت للإدارة الأمريكية أنه لن يكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانسحاب جميع أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة. 

وأثمرت تحركات سعودية عربية خاصة في ضوء قيادة المملكة لجنة الاتصالات العربية الإسلامية بشأن غزة، عن نتائج إيجابية تتمثل باعتراف عدد من الدول الأوروبية بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية ليصل عدد الدول التي اعترفت بالسيادة الفلسطينية حتى الآن إلى 146 من أصل 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة.

قطر.. دعم سياسي وإنساني

وتعد دولة قطر وسيطا في مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، إذ استضافت وفدا من حركة "حماس" على أراضيها وقدمت مساعدات كبيرة للقطاع بعد اندلاع الحرب. 

وحرصت قطر منذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني، على التعاون مع شركائها الإقليميين والدوليين ومنظمات ووكالات الأمم المتحدة، من أجل خفض التصعيد والتهدئة، الأمر الذي تكلل في التوصل لهدنة إنسانية مؤقتة في نوفمبر 2023، تم خلالها إطلاق سراح عدد من الأسرى والرهائن على الجانبين وإدخال مساعدات إنسانية طارئة لإغاثة غزة.

وطوال عام الحرب، لم يتوقف تدفق المساعدات القطرية، بالتنسيق مع الوكالات الأممية والدول العربية، لمساندة الشعب الفلسطيني، حيث توالت حزم المساعدات المقدمة من صندوق قطر للتنمية والهلال الأحمر القطري ومؤسسة قطر الخيرية وغيرها، حيث تضمنت المساعدات مواد إغاثية وغذائية ومستلزمات إيواء وخياما ومستشفى ميدانيا وسيارات إسعاف وغيرها.

ووجه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، بعلاج 1500 جريح وكفالة 3 آلاف يتيم فلسطيني من قطاع غزة، ونقل الجرحى ومرافقيهم لعلاجهم بالعاصمة القطرية الدوحة، بالتعاون مع مختلف الشركاء الإقليميين والدوليين.

وفي أغسطس الماضي، وقع الهلال الأحمر القطري، على اتفاقية مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى الأونروا، وبدعم من صندوق قطر للتنمية قيمته 4.5 مليون دولار أمريكي، لتقديم مساعدات نقدية للعمال والمرضى الفلسطينيين من قطاع غزة العالقين حاليا في الضفة الغربية وعددهم أكثر من 4400 شخص.

وقدم صندوق قطر للتنمية، 25 مليون دولار أمريكي لوكالة الأونروا، لتمكينها من تقديم الخدمات الأساسية للاجئي فلسطين ودعم أنشطة الوكالة في مجالات التنمية البشرية والمجالات الإنسانية في المنطقة، كما تبرعت دولة قطر في 2023 بمبلغ 18 مليون دولار للموازنة البرامجية لـ"الأونروا" دعما للاجئين.

دعم أردني مكثف

ووقفت المملكة الأردنية الهاشمية في صدارة المدافعين عن القضية الفلسطينية على المستوى السياسي والإغاثي والشعبي، إذ شاركت في عمليات الإنزال الجوي التي نفذتها طائرات تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني لتقديم المساعدات الإغاثية والغذائية إلى أهل قطاع غزة.

وكسرت طائرات سلاح الجو الملكي الحصار واستطاعت إنزال مواد إغاثية عاجلة للمستشفى الميداني العسكري الأردني في شمال غزة، قبل أن تتولى طائرات الإغاثة جوا، ويكون الأردن أول من افتتح مبادرات الإغاثات بجانب مصر والإمارات وقطر والسعودية والولايات المتحدة ودول غربية عديدة.

وفي يونيو الماضي، استضاف الأردن مؤتمرا دوليا للاستجابة الإنسانية الطارئة في قطاع غزة، بتنظيم مشترك مع مصر والأمم المتحدة، بهدف تنسيق استجابة دولية موحدة للوضع الإنساني في القطاع، والاحتياجات العملياتية واللوجستية اللازمة في هذا الشأن.

وقال العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، في كلمته بالمؤتمر، إن بلاده قدمت 75 مليون دولار من المساعدات لغزة و25 مليون دولار للضفة الغربية، كما تم إرسال 460 شاحنة وتنفيذ 72 إنزالاً جوياً، و153 إنزالا جوياً مشتركا مع دول أخرى، إضافة إلى 48 طائرة مساعدات إغاثية عبر مطار العريش الدولي.

وفي أغسطس الماضي، أعلنت الهيئة الخيرية الأردنية (رسمية) في بيان، ارتفاع العدد الإجمالي للشاحنات البرية التي دخلت قطاع غزة إلى 3 آلاف و33 شاحنة، بخلاف 53 طائرة عبر مطار العريش الدولي بمصر.

الجزائر.. جهود سياسية وإغاثية

وفي إطار عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، لعبت الجزائر دورا هاما في دعم القضية الفلسطينية، إذ أطلقت مبادرة صادق مجلس الأمن عليها في مارس الماضي، بأغلبية 14 صوتا، على قرار يطالب بـ"بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة".

كما تعهد الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، مرارا بمشاركة جيش بلاده في إعمار غزة، والذي تشير بعض التوقعات إلى أنه يتكلف نحو 80 مليون دولار. 

وبخلاف الجهود السياسية والدبلوماسية، ساهمت الجزائر على صعيد الأعمال الإغاثية والإنسانية، منذ بداية اندلاع حرب غزة، في تدشين جسور لإرسال المساعدات التي تشمل مواد غذائية ومستلزمات طبية وإعاشة إنسانية، لدعم النازحين في مخيمات الإيواء.

وتتواصل الدول العربية في إرسال المساعدات الإنسانية وبذل الجهود السياسية والدبلوماسية لوقف إطلاق النار ومنع التصعيد في المنطقة حتى تضع الحرب الممتدة منذ عام أوزارها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية